تعديل

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

رسالتي الأخيرة قبل أن أودع عالم الفيس بوك : إليك يا أبي !! / الشيخ ولد مزيد

أكاد لشدة القهر ،
أظن القهر في أوطانـنا يشكو من القهر ،
ولي عذري ،
فإني أتقي خيري لكي أنجو من الشر ،
فأخفي وجه إيماني بأقنعة من الكفر ،
لم أكن أتصور حجم الفراق وصدمة الغياب عن مرابع اللأحبة والرفاق ، قبل مكالمة هاتفية وردتني اليوم ممن له الفضل في إيجادي وله السبق في إمدادي ..
نعم ، سأرحل عن العالم الإفتراضي ، وسأحذف حسابي من الفيس بوك بشكل نهائي ، كي أريح ضميرك يا أبي ..
إليك يا أبتاه .. أكتب هذه الحروف بدمعي السخين الذي أسكبه الآن بمرارة لم يسبق أن سكبته بها قبل اليوم ..
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها // عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
إليك أبتي .. أجدد لك كامل محبتي وامتناني وعرفاني بالجميل ..
أحبك يا أبي ..
وقد كان بودي أن أن أكون شيئا تفتخر به ، أو رجلا صعلوكاً تعتز به ، يعينك على نوائب الدهر ويشارك في حملات تواصل ..
لكنني للأسف ، خبتُ ، وخاب فيَّ ظنك .. دون قصد مني ..ودون سبق إصرار ..
أنا يا أبتي لم أقترف كبائر ولا موبقات بحجم ما صوره لك "الضمضميون" ..
أنا ابنك الذي ربيته على حب الخير للناس ، والوقوف مع المظلومين ..
أنا ابنك الذي حفظتُ من فمك :
لا يُسلم ابن حرة زميله // حتى يموت أو يرى سبيله
أنا ابنك الذي سمعتُ منك : قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام { مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى شَيْئًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى }
أنا ما أردت سوى الحياة عزيزة  // أنا ما وردت سوى العقيدة مصدرا
أنا هكذا فهل الحيــاة جريمــــة  // أم أن حب الأرض أصبــح منكــرا
فبأي ذنب تؤاخذني ، وتعاتبني بهذه الحدة والبشاعة وكأنني اقترفت حداً من حدود الله ؟!
هل أصبح دين الإسلام الذي جاء لنصرة الفقراء والمظلومين وإنصاف الضعفاء والمحرومين سيفا يسلطه البعض على البعض ويزايد فيه فصيل سياسي على فصيل ..؟!
ألا يدرك هؤلاء أنه الرحمة المهداة للعالمين ..؟!
بأي جريرة يجمع بعض شيوخ بني إخوان تغريداتي ومنشوراتي على الفيس بوك ويطبعونها في كتاب ويأتونك به في بيتك ومحرابك ليقنعوك بأن ابنك كافر وملحد ومرتد وزند وشيطان ..؟
أبتاه ..
هل يمتلك هؤلاء الحق في تأويل وتفسير وتنزيل وتفكيك ما أكتبه وفق ما تمليه عليهم أمزجتهم المريضة وفهمهم السقيم وفكرهم العقيم..؟
هل يريد هؤلاء الساعون بالفتنة أن يخصخصوا الدين ويحولوه إلى شركة للتأمين، يبعثون بشرطتهم لتوقيف كل من لم يشترك أويدفع ثمنه اشتراكه ؟؟
أنا مسلم يا أبي، ومؤمن بالله إيمانا خالصاً له ..  وأَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ
أن لن أتاجر بديني ، ولن أبيعه في سوق النخاسة السياسية ..
هذا الدين عقد بيني وبين ربي ، لا شأن لأحد به ..
ومهما أولَّ هؤلاء المتحجرون كتاباتي وفسروها على انها إلحاد وكفر بواح فإنهم لن يفلحوا في إقصائي من ذلك السباق " إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" ..
أنا يا أبي دافعت عن المحرومين والمظلومين ، ووقفت مؤزرا للمنبوذين والمضطهدين ، وناصرت الفقراء والجياع، وتبنيتُ قضايا الذين لا وليَ لهم ولا نصير ..
فما ذي يغيظ هؤلاء الحاقدون مني ؟
لما يريدون أن يحرموني منك  ، لما يسعون إلى التفرقة بين ولدٍ وأبيه ؟ أيُ دين يدعوهم لهذا ؟
إنها الأهواء ، واتباع الأهواء ..!
"ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "
أما أنا فلم أكتب في حياتي ما ينافي أو يناقض جوهر الدين ..ولم يتناقض سلوكي ولم يصطدم بمبادئ الإسلام وأركانه ..
بل كل ما في الأمر أنني طالبت دائما بفتح باب الإجتهاد في الكثير من الأمور والإشكالات إيماني مني بأن هذا الدين صالح لكل زمان ومكان ، وفهما مني بأنه لا كهنوت في الإسلام ، ولا وصاية لأحد على الدين، عكس ما تروج له الحركات الايديولجية الدينية التي تسعى لاحتكار الدين وفرض ماركتها عليه .  ولم تكن حروفي المتمردة وعباراتي الفلسفية المشحونة بالحقد على طغاة العصر وجبابرته موجهة نحوة ألوهية الله أو مقام النبوة ، بل كان القصد منها إيقاظ العقول واستنهاض المتكئين على أسرة الأوهام ..!
وذلك ما لم يفهمه "رسل الكراهية " الذي جاءوك بإفك مبين ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
للأسف لم يستطع فهمهم القاصر أن يستوعب المدلولات التعبيرية لما أبوح به ، بل تقيدوا بالنص وجموده اللفظي ونحتوا منه صورهم البديعية في فنون التكفير والرمي والقذف والسب والشتم ..
في الأخير يا أبي ، قررت أن أقطع سعي هؤلاء المشائين بالإفك والفتنة بين وبينك من خلال إغلاقي لحسابي على الفيس بوك بشكل نهائي .. لعلك ترضى ..
{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ }

0 التعليقات:

إرسال تعليق