المتأمل لمسيرة الحارس الانقلابي محمد ولد عبد العزيز منذ أن لاح
شبَحُه أمام القصر الرئاسي، متأبطا ما تحويه جعبته من العدالة وما تضمه كنانته من
السهام الموجهة نحو ديمقراطية ناشئة في بلد ناشئ ..
يدرك جيداً أن الرجل يمتلك من المؤهلات ما يؤهله عن جدارة واستحقاق
للتنظير والكلام في كثير من المجالات باستثناء ما يتعلق منها بالشفافية وحسن
التسيير وإدارة الشأن العام ..
فالنتائج الصفرية التي وصلت لها البلاد في شتى مناحيها الاقتصادية
والاجتماعية لهي خير مثال على إجرام هذا النظام وسوء تفكيره وتدبيره، وبشاعة
إهداره للمال للعام واستنزافه لمقدرات الشعب وثرواته التي صارت حكراً على فئة
قليلة ممن تربطهم صِلات اجتماعية و "مافيوية" بالجنرال ولد عبد العزيز الذي دخل المؤسسة
العسكرية من نافذة اجتماعية ضيقةٍ جداً بحجمْ وعيه السياسي والتنموي ، حيث لم يكن
له من سابق طموحٍ أوعمل سوى العناية والإهتمام بترفيه زوجة وأطفال العقيد معاوية
ولد الطايع في سنوات بؤسه العجاف ..
لتشاء الصدف بعد ذلك أن يكون شريكا في انقلاب عسكري عام 2005 ومُدبراً لانقلاب آخر أكثر بشاعة عام 2008 .
ومنذ ذلك الحين والجنرال عزيز يشنُ فراقعَهُ الصوتية على نظام ولد
الطايع معتبراً إياهُ نظاما بائداً ومثالاً للفساد والإستبداد ، وكأنه لم يكن
يوماً ينتشي بِطَلَّةٍ بهيةٍ أو همسةٍ خفية من "عائشة بنت احمد الطلبة"
التي عرفت وحدها كيف تُذله وتمسح بكرامته الأرض لسنواتٍ وسنواتْ قبلَ أن يَشُبَّ
عن الطوق بعد تغييرٍ في موازين القوى ، إثرَ رحيلِ ولد الطائع وقتلِ العقيد محمد
الامين ولد انجيان ، لتبقى حلبةُ الصراعِ مليئةً بالخراف التي يَسهلُ الاستئسادُ
عليها في حين غِرةٍ وغَفلةٍ من ضباط المؤسسة العسكرية ، ولحظةِ غباءٍ وسذاجةٍ من
نخبٍ سياسيةٍ لم تأخذ العبرَ من الماضي
ولم تستكنه حاضرها الضابي ، ولم تستشرفْ حتى مستقبلَ الديمقراطية والتنمية في وطنٍ
اختـُطفت سفينتـُه من قبل ربانٍ أخرق ضلَّ بها سواء السبيل ، وواصل الإبحار بها
نحو طريق مجهول وأفق مسدود كانت بلادنا قد سلكت منعرجه في العاشر من يوليو 1978 ، لتتوالى عليها أنظمة وحكومات لم يكن لها من
دور أو اهتمام سوى النهب وإشاعة الفساد وإرساء دولة الإستبداد .
وهذا ما تبرهن عليه الأرقام والآلام التي تُشخص حالة شعب ذاق الأمرين
وضاق ذرعاً وصبراً ، وما عاد له من خيار سوى التحضير لانتفاضة شعبية "عنيفة
وسلمية " تُزلزل أركان النظام وتدفع ثمن التحرر مهما كانت فاتورتُه، أو تداعياته المرحلية التي يكرهها الإنتهازيون
.
وبرغم الإحباط الشديد واليأس المتسلل في كل الأرجاء ، في نفوس الشباب
والعمال بصفة خاصة والعاطلين عن العمل وأصحاب المظالم والحقوق المهدورة ، إلا أنني
أؤمن بأن الخصائص البشرية متساوية بالفطرة ، وأؤمن أن كل فتاة موريتانية هي تيريزا باتيستا ، فالصمت على الظلم قد يطول ويطول ، حتى
يستبد ليل اليأس بالجياع والمحرومين ، غير أن بارقة أملٍ واحدة في أي لحظة أو نقطة
من البلاد تكفي لتُشعل حريقاً سيلتهب طواغيت الفساد من جنرالاتٍ ورجالِ أعمال
وشيوخِ قبائل وزعماءَ تقليديين .
-----------
سيدي
الطيب ولد المجتبى
twitter.com/mojteba
0 التعليقات:
إرسال تعليق