على طول الطريق
الساحل ( خَطْ الثـرْثِياتْ ) الممتد من كدية "آطومَـايْ" بشمال إنشيري
، مروراً بسلسلة من العُـقيْلاتْ " لگْـطَيْطيِره " ، "گْـدَجِّيتْ" ، "أكوطْ " ، "أم اجدور" ،
"ألوية" ، وانتهاء بحاضرة "برجيماتْ" التابعة لبلدية بنشاب ،
تنشط العشرات من شركات التعدين ومقالع الحصى ..
وعلى جنبات هذا الشريط
ترتمي عدة قرى وبلدات ريفية ، بالتوازي مع خطي الوسط "انـْـتَمـادْ "
والخط الشرقي "آگويْديمْ "
الذينِ يلتقيانِ عند اتْوَيْـرجه .
عبر عقود زمنية عديدة
ظلت العُقيْـلات التي يناهز عددها السبعين رافـداً أساسياً للمياه ومصدراً يكاد
يكون الوحيد في المنطقة ، لما يترتب عليه من شراب السكان ، وسقاية مواشيهم ،
وزراعة الأراضي التي يحصدون منها معاشهم ، في حال تأخر الأمطار أو تراجع السيول ..
شركة MCE تُخرب مجرى السيول المُزوِّد للآبار السطحية
بالماء
في الأعوام القليلة الماضية اجتاحت ولاية إنشيري العشرات من الشركات العاملة
في مجال التعدين ، تنقيباً واستخراجاً ، وكذا العاملة في مجال مقالع الحصى ، والتي
ضجت بها وديان المنطقة ، وأثارت حفيظة السكان ، وكانت مصدر إزعاج واحتجاج من طرف
بعض القرى المتضررة بشكل مباشر جراء فساد وإفساد تلك الشركات الرأسمالية الناشطة
بدون أي رقابة حكومية ..
وقد كانت شركة MCE المملوكة لرجل الأعمال احمد سالك ول
ابوه على رأس هذه الشركات التي تركت بصمتها السيئة ، فتكاً بالإنسان، وتدميراً
للبيئة ، وقتلا للثروة الحيوانية ، وقضاءً تاما على الآبار السطحية وعلى مجرى
السيول التي تمثل الرافد الوحيد لها .
بداية الإحتجاج
في السابع من شهر مارس 2015
اجتمع عدد من سكان إنشيري عند الكلمتر 25
جنوب اكجوجت ، وقد ضم الاجتماع جمع من المنتخبين والشباب والوجهاء ورؤساء منظمات
المجتمع المدني الناشطة في مجال البيئة ، حيث تدارس المجتمعون كافة الأضرار الناجمة
عن استغلال المقالع في انشيري .
في ختام الاجتماع تم
إنشاء لجنة تضم ممثلين عن السكان مكلفة بمتابعة القضية، حيث باشرت اللجنة عملها
التحسيسي عن وضعية المقالع والتنقيب في الولاية .
استمر عمل اللجنة
لعدة أيام عاينوا خلالها أهم مواقع الحفر والمقالع الصناعية والتقليدية العاملة
والمهجورة .
ومن خلال الاتصال
بالسكان في مختلف القرى المتضررة ، وتسجيل ملاحظاتهم ، والاستماع إلى مقترحاتهم ،
تأكد للجميع أن تلك الشركات مضرة بالبيئة ، وبالصحة ، ولا تقدم لهم أي خدمة أو
مساعدة اجتماعية ، أو صحية ، رغم انتشار البطالة، والأمراض، وندرة المياه، والحاجة
الملحة للتنقل، في ظل فوضوية هذه المقالع وغياب أي متابعة أو رقابة عليها من طرف
النظام .
تصنيف الأضرار حسب
لجنة المتابعة
حسب التصنيف الذي
وضعته لجنة المتابعة ، تم تقسيم الأضرار الخطيرة إلى عدة مناحي بيئية وصحية وأثرية
ونقلية ..
1- الأخطار البيئية : تم
تحطيم الغطاء النباتي عن طريق :
-
الحفر العشوائي والفوضوي
-
تحطيم التضاريس الطبيعية
- - مرور الشاحنات وما يصاحبه من غبار
- - الغبار المنبعث بصفة دائمة من المقالع
- - غلق الأودية ، وتجفيف منابع المياه ، والقضاء على المزارع التي يعتمد
عليها السكان في تأمين قوتهم ومرعى مواشيهم .
2- الناحية الصحية : يشكل الغبار والضجيج وخيوط الدخان والروائح
المنبعثة من المقالع أسباباً رئيسية للأمراض الصدرية والعصبية المنتشرة في المنطقة
.
3- المواقع الأثرية : تعتبر
المواقع الأثرية والمدافن مقدسات لا تـُمس ولا تـُنبش ، ومع ذلك فلم تتورع هذه
الشركات عن نبشها وقلبها رأساً على عقب، إذ تم لحد الآن نبش عدة قبور من طرف
جرافات شركة MCE
، ومن بين المدافن التي تم نبشُ بعض قبورها : ( لمْسَـيْحَ ـ اجْرَيْفْ ـ اندرْ ـ
الحجرة البيظة ..إلخ ..) .
4- في ما يتعلق بناحية
النقل : تؤكد ساكنة انشيري أن التنقل العشوائي والفوضوي للشاحنات يُشكل مصدر إزعاج
لعدة قرى ، وسبباً للعزلة التي تمثلت في صعوبة التنقل داخل هذه المناطق ، سواء
بالنسبة للسيارات أو المارة أو الحيوانات بسبب الحواجز والبؤر الأرضية .
جهود مُضنية واتصالات عبثية بين اللجنة والسلطات المعنية
بتاريخ الـ 15 مارس 2015 بعثت اللجنة المختصة بمتابعة الملف بعدة رسائل إدارية
إلى كل من ( وزارة الداخلية واللامركزية ـ وزارة البترول والطاقة والمعادن ـ وزارة
الثقافة والصناعة التقليدية ـ وزارة البيئة والتنمية المستدامة ) .
وجاء في مضمون الرسائل التي تحصلت "مدونة
التاسفره" على نسخ منها ، أن مساحة أزيد من 50
كلمتر من منطقة إنشيري تعاني من الاستغلال السيئ والفوضوي والمفرط لمقالع الحصى
وعمليات التنقيب المعدني ، لما لها من أضرار بالغة على البيئة والطبيعة وصحة
الانسان ، ناهيك عن مجاري المياه والتِلع والطرق السالكة بسبب ما تحدثه من ركام
الأتربة والأخاديد وخيوط الدخان والغبار والضجيج .
" اعتصام الخيمة" تحت خيمة الاعتصام !
على بعد 75 كلمتر جنوب اكجوجت تقع
منطقة "المسْتَعْرَظْ " التي يوجد بها اعتصام مفتوح منذ الثـلاثين من
شهر سبتمبر الماضي ، وذلك في خيمة تقليدية ضُربت على مقربة من مقالع الحصى التابعة
لشركة MCE
المملوكة لرجل الأعمال احمد سالك ول ابوه .
حتى الآن لا يزال المعتصمون تحت هذه الخيمة ينتهجون أساليب سلمية
وهادئة ، ويعبرون عن رغبتهم في حل النزاع بشكل سلمي وودي ، في حين ترفض شركة MCE فتح أي حوار أو مفاوضات أو حتى اعتراف بما
خلفته من كوارث بيئية وطبيعية .
وجدير
بالذكر أن اللجنة المشتركة التي ضمت ممثلين عن السكان والمنتخبين إلى جانب والي
إنشيري ، كانوا قد وضعوا تصنيفاً لجميع الشركات العاملة في المنطقة ، وخاصة في
مجال مقالع الحصى ، فجاء
تصنيف شركة احمد سالك ول ابوه في رتبة 4/4
، وهي الرتبة الأخيرة والأسوأ من حيث استغلال الأرض وبشاعة استخدامها ، وتضرر
السكان من جرافاتها التي عملت بشكل كارثي على الفتك بالإنسان والحيوان والطبيعة .
ـــــــــــــ
https://twitter.com/mojteba
0 التعليقات:
إرسال تعليق