تعديل

الخميس، 16 مايو 2013

محمية حوض آرغين ..عناق البحر والصحراء ... إحدى روائع العالم في موريتانيا تحتاج الى تأميم ! ! !


بين العاصمتين السياسية نواكشوط والاقتصادية نواذيبو يأسرك المشهد الأخاذ لعناق الصحراء بعذريتها الصارخة ورمالها الذهبية الساحرة، مع الأمواج الهادرة بالمحيط الأطلسي وعلى ضفافه حيث تنتصب أشجار "المانجرو" مشكلة لوحة زيتية رائعة خصوصاً في لحظات الغروب، حين تضفي الشمس برونقها القزحي لمسة جمالية باهرة تبلغ مداها السحري في مناطق «رأس تمريس» و «إويك» و «آركيس» و«الرأس الأبيض» قرب نواذيبو. تجد نفسك تتأمل سفراً من الجمال الطبيعي، تقلب بصرك يميناً وشمالاً في مناظر خلابة ورائعة.

هناك توجد إحدى أروع المحميات الطبيعية وأندرها في العالم ، ففي رحلة برية وبحرية لم تخل بعض محطاتها من مغامرات سندبادية رصدت بعدستي أهم الملامح المتعلقة بهذه المحمية من جوانب متعددة حيث تتداخل الجغرافيا مع التاريخ في منطقة يعود تاريخها إلى أكثر من عشرة آلاف سنة شهدت خلالها حضارات متعاقبة لا تزال بعض آثارها ماثلة للعيان تحكي قصة من كانوا هنا ذات أمس بعيد. فعندما تتأمل ملامح سكان المحمية (إيمراغن) تقرأ من قسمات وجوههم أروع روايات التعايش الحميمي بين الإنسان والطبيعة حيث يشكل الإنسان هنا عنصراً في معادلة عناصرها الأخرى البحر والصحراء والطيور والأسماك.


محمية آرغين ليست موطناً لأكبر تجمع عالمي للطيور فحسب، بل تعتبر أيضاً وسطاً بيئياً ملائماً لتكاثر الأسماك التي عرفت الشواطئ الموريتانية بكثرتها وجودتها 
 فماذا عن هذه المحمية المسجلة لدى منظمة اليونسكو كتراث إنساني عالمي وتحظى بإهتمام مبالغ من جانب بعض الهيئات والمنظمات البيئية الدولية ولا يعرف عنها أهلها في العالم العربي بما في ذلك موريتانيا أبسط المعلومات!
ومحمية أرجين الممتدة على الساحل الموريتاني على مسافة 200 كلم من الجنوب إلى الشمال تتميز بموقعها على شريط تقاطع الصحراء والمحيط ألأطلسي وهي ليست موطناً لأكبر تجمع عالمي للطيور فحسب، بل تعتبر أيضاً وسطاً بيئياً ملائماً لتكاثر الأسماك التي عرفت الشواطئ الموريتانية بكثرتها وجودتها الأمر الذي يسهم إسهاماً فعالاً وملموساً في دفع عجلة الاقتصاد الموريتاني، ولعل سكان "إيمراغن" هم أهم ما يميز هذه القطعة من الأرض لما لهؤلاء من الخصوصيات والمميزات.فالدراسات الأثرية تشير إلى نشوء حضارات متتالية على مدى عشرة آلاف سنة شهدت بعضها نهضة فكرية وعلمية حيث تبدو بقايا الآلات والمعدات المصنوعة من الخزف والأشجار
 وجلود وعظام الحيوانات. لكن يبدو أن رحى الحرب ظلت دائرة بين السكان وبين المستعمرين الغربيين الذين تكالبوا على المنطقة قبل عدة قرون بعد أن أدركوا قيمتها الإقتصادية الهائلة. فقد فرض كل من البرتغاليين والإسبان والفرنسيون والهولنديون والبريطانيين سيطرتهم في مراحل متلاحقة وكان آخرهم الفرنسيون الذين استعمروا موريتانيا مطلع القرن المنصرم و لم تنل استقلالها قبل 1960 .


وقد كان سكان الإيمراغن مرغمون على التعامل التجاري مع كل المستعمرين لكنهم لم يتأثروا بنمط الحياة لدى المستعمر بل ظلوا متشبثين بعاداتهم و تقاليدهم التي تتسم في أغلبها بالغرابة ، كما ظلوا يعتمدون في غذائهم على صيد الأسماك بالطرق التقليدية و يرتبطون بصداقة حميمية مع الدلافين التي توجد حتى الآن بالآلاف و بموجب هذه الصداقة يسوق الدلافين كميات هائلة من الأسماك من أعماق البحر إلى الشاطىء حيث ينتظر صيادو الإيمراغن بفارغ الصبر و هذه العملية لها طقوس خاصة لا يريد الإيمراغن الإفصاح عنها من أغربها أنهم يرمون شباكهم على الشاطىء و يبدؤون بضرب الموجات الشاطئية بالعصي مشكلين طابورا هلاليا تصحب
ذلك حركات خاصة و أهازيج مبهمة فسرها البعض أنها تطرب الدلافين فتسوق معها كميات الأسماك و إذا كان يصدق على هؤلاء القول الشائع أنه لا رجال إلا رجال البحر فإن الإيمراغن يعتقدون أنه لا نساء إلا نساء الإيمراغن فهن اللواتي يباشرن جميع الأعمال اليدوية خصوصا المتعلقة بتجفيف و تشريح الأسماك ، إلا أن العادات لدى الإيمراغن تحظر قدوم المرأة الى الشاطىء لأن ذلك يغضب البحر غضبا شديدا فيضن عليهم بخيراته و يحطم كل الزوارق التي بداخله

«إيمارغن»..صيادون خارج الزمن 

وبجوار المحمية تقطن منذ آلاف السنين، مجموعات سكانية لا يتجاوز عدد أفرادها الآن ألف نسمة، تعرف باسم «إيمراغتن» وتحتفظ حتى الآن بنمط حياتها التقليدي وأساليبها وطقوسها في الصيد، وقد استثنت الحكومة الموريتانية هؤلاء السكان من قرارها حظر الصيد في المنطقة، ورخصت لهم باستخدام قوارب شراعية لا توجد بها محركات، وإنما تعتمد على اشرعة من الخشب والقماش، ولهؤلاء السكان عادات غريبة في صيدهم، الذي يعتبر العمود الفقري لحياتهم، ففيه يعمل الرجال منذ الصباح وحتى الليل، كما أن للنساء حظهن من العمل في الصيد.

ومن أبرز طقوسهم في الصيد، أنهم يعتمدون على رصد أسراب الأسماك في البحر ولديهم خبرة واسعة في تتبعها عبر مختصين منهم يقفون على الشاطئ، وعند ملاحظة أي سرب يقترب من الشاطئ، يحاصرونه بشبابيكهم التقليدية مشكلين هلالا حول السرب ويضربون البحر بعصيهم، مطلقين أهازيج بنغمات معروفة لديهم، يقولون إنها تهيج الدلافين التي تسارع إليهم وهي تسوق أسراب السمك، فيتقاسمون معها الصيد، والغريب أن هؤلاء السكان التقليديين لا يصطادون من آلاف أنواع الأسماك المتوفرة في تلك الشواطئ إلا نوعا واحدا هو سمك «البوري»، أما باقي الأسماك فلا يصطادونهاوعند عودة الرجال بشباكهم محملة بالسمك، يبدأ دور النسوة اللواتي عرفن بكفاءتهن العالية في معالجة الأسماك وتجفيفها، ولديهن خبرة كبيرة في معرفة القيمة الغذائية لكل سمكة وإمكانية بقاء لحمها صالحا للاستعمال بعد التجفيف، كما يقمن باستخلاص الدهن من تلك الأسماك، واستخراج البيض منها.

آرغين محمية وطنية  بوصاية غربية ...

من يزور محمية آرغين من غير الموريتانيين يخرج  بتساؤل كبير هو كيف تصنف موريتانيا ضمن الدول الفقيرة في العالم ، وهي تملك ثروة طبيعية من أروع وأندر الثروات الطبيعية متمثلة في هذه المحمية الحبلى بالحيوانات البحرية بشتى أصنافها وأنواعها ، فضلا عن كونها أكبر محج للطيور من حول العالم ، هكذا رصدنا انطباع بعض من زاروها من الاجانب المندهشين من جمالها ، وتفريط الموريتانيين فيها لدرجة أنهم يجهلونها جهلا تاما.

أما من يزورها من المواطنين الموريتانيين لا بد أنه سيشعر بالخجل من جهله لمورد اقتصادي وسياحي يحظى بمشاهد فريدة من نوعها في العالم ، لكن الصدمة الكبرى ستأخذ مداها عندما يكتشف أن هذه المحمية الوطنية تستأثر بتسييرها منظمات غربية منذ تسجيلها كتراث عالمي قبل ثلاثة عقود.

فعلى الرغم من وجود ادارة وطنية للمحمية، إلا أن مواردها تعتمد على مشاريع ومساهمات منظمات بيئية عالمية يفترض انها تحصل على مليارات الدولارات باسم المحمية ولا يصل لإدارة المحمية سوى النزر القليل من تلك الدولارات ، وتفرض تلك المنظمات مقابل " سخائها بالفتات" الذي تقدمه لموريتانيا اجنداتها الخاصة لدرجة تدخلها في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بإدارة وتسيير المحمية
ويرى مصدر مطلع في ادارة المحمية أن المديرين السابقين لا يملكون الشجاعة الكافية لمخالفة تعليمات او ارشادات تلك المنظمات خوفا من نفوذها وطمعا في مواردها ، خاصة تلك المخصصة لرشاوي المديرين والتي تبطن في بنود المتابعة والتسيير.

ويتحدث مسؤول آخر في المحمية بمرارة شديدة عن واقع المحمية التي يرى انها يمكن ان تنعش الاقتصاد الوطني بمواردها إن وجدت من يتحلى بروح وطنية ورؤية استشرافية تمكنه من مواجهة تلك الديناصورات التي تسيطر على المحمية وتحتكرها لنفسها ويزعجها اكتشاف الاخرين لها خاصة السياح العرب ، حيث لا تخفي تلك الجهات عدم ترحيبها بهؤلاء داخل محمية آرغين



0 التعليقات:

إرسال تعليق