تعديل

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

الشركات المعدنية .. والموت القادم من الشمال ..!!


(مشاركة في حملة "دون ضد شركات التعدين الأجنبية " )
عندما يكون الصمت سائدا لا يمكننا أن نجزم أن الأمور كلها بخير ..وأن الوطن على ما يرام ..وأن المواطنين ينعمون في بحبوحة من الأمن الاجتماعي والعيش والاستقرار ..!
الصمت غالبا ما يكون غطاء يحجب الشمس عن واقع مرير ..
صمت الرأي العام له ما يبرره .. وصمت المجرمين أيضا له ما يبرره ..!!
لكن صمت النظام والإعلام والقانون حيال قضية تتعلق بالشركات المعدنية في الشمال أمر لا يصدقه عقل ولا خيال ..
أن تترك دولة مواطنيها وثرواتها النفيسة وبئتها النقية تحت رحمة شركات متعددة الجنسيات فتلك لعمرو الله كارثة ..
جريمة لا تغتفر أن يظل هذا الصمت والسكون يخيمان على الأجواء بينما سكان مدننا الشمالية يقبعون بين فكي شبح كـ "أم،سى،أم " ووحش كـ "تازيازت" ..!

الأثر الإقتصادي لهذه الشركات على ظروف السكان ..؟
من حق أي مواطن بسيط وهو يسمع تلك الأرقام الفلكية التي يطالعنا بها الإعلام عن الأرباح التي تجنيها الدولة الموريتانية من هذه الشركات أن يتساءل : أين تنعكس هذه الأرقام التي تقدر بملايين الدولارات ..أو المليارات في بعض الأحيان ..، بينما المواطن يشقى ويئن تحت وطأة الواقع الذي لا ينذر بخير ، سواء في ذلك سكان الشمال أنفسهم وسكان أي بقعة أخرى من بقاع الوطن ..!
هل تلك الأرقام مزورة ومزيفة ، أم أنها تدخل في جيوب وحسابات لا علاقة  لها بخزينة الدولة ، ولا يُراد لها أن ترى بالعين المجردة .؟
من يكذب على من ..؟
هل الشركات المعدنية هي التي تكذب على الدولة أم أن الأخيرة هي التي تكذب على مواطنيها ، لتدغدغ أحلامهم ومشاعرهم بأوهام وترهات ما أنزل الله بها من سلطان ..؟!

الأثر الإجتماعي لشركات التعدين على سكان الشمال..!
من المفترض في مسودة أي اتفاقية معدنية قبل توقيعها أن يكون هناك بند خاص بالجانب الاجتماعي للمشروع ، بحيث تخصص الشركة نسبة من أرباحها للوسط الاجتماعي والمنطقة الخاصة التي يتم فيها تنفيذ المشروع ، لعدة اعتبارات ، قانونية وأخلاقية ..
لكن هذه الشركات المعدنية عندما جاءت لم تجد أمامها قانونا يحمي المواطنين ولا نظاما يحرص على مصالح شعبه، ولم تلزم هي نفسها بمراعاة أي جانب أخلاقي اتجاه سكان مدننا الشمالية ، الذين يتحتم ويتوجب على هذه الشركات أن تؤسس لهم بنى تحتية حقيقة وتوفر لهم مستشفيات متطورة ومدارس ، وتحقق لهم اكتفاء ذاتيا في كل مناحي الحياة ..وتعطي الأولوية لهم في العمالة والتشغيل ..لكن تلك الشركات للأسف لم تلتزم إلا بالنهب العبثي لتلك الثروات في استهتار صارخ بقيمة وحياة وإنسانية الإنسان ..


جرائم وانتهاكات شركات التعدين..!
( فيك الخصام وأنت الخصم والحكم )
من سخريات القدر أن يمنح القانون الموريتاني لهذه الشركات المعدنية المتعددة الجنسيات حق الرقابة على نفسها وتقديم دراساتها حول التأثيرات البيئية الناتجة عن أنشطتها الإشعاعية ، بحجة أن تلك الدراسات مكلفة للدولة وغير قادرة على القيام بها ..
لذا وجدت هذه الشركات نفسها غير ملزمة بأي شيئ حتى عندما يتعلق الأمر باعتماد المعايير العالمية المتعارف عليها أثناء التنقيب والإستخراج  ..وغيرها من الأمور الفنية التي يعتبر إهمالها جريمة ضد الإنسانية لما يترتب عليها من الأخطار والأضرار التي يتعرض لها سكان تلك المناطق بصفة خاصة ..

المأساة المنسية ..!!!
هل بإمكان عقولنا أن تصدق أن 500 مواطن موريتاني قضوا نحبهم في منطقة الشمال في الـ 5 سنوات الأخيرة نتيجة للنشاطات الإشعاعية التي تقوم بها شركات التعدين ..ومع ذلك لا تزال هذه الشركات تسرح وتمرح وتفتك وتبطش بلا رقيب ولا حسيب ..؟
فلا يمكن لمكابر اليوم أن يتجاهل انتشار تلك الأمراض الخبيثة والسرطانات القاتلة في مدننا الشمالية نتيجة لانتشار السموم وانتقالها عبر العوامل الطبيعية (الرياح، الهواء، الترسب ، بل ووصولها إلى المياه الجوفية)
الدولة الموريتانية تدرك هذه المأساة بشكل جيد ، وهي على اطلاع بكل أسماء الضحايا الأحياء منهم والأموات ، وبتفاصيل ظروف إصابتهم ، وبالأسرة التي ماتوا عليها .. ورغم ذلك تغض الطرف وتلتزم بالصمت ..!

شركات التعدين والخطر البيئي ..!

تُنهب ثرواتنا المعدنية بكل شره ونهم دون استفادة معتبرة ، وتنتشر الأمراض الفتاكة والسرطانات ، وتتلوث البيئة ، كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من رأس النظام، والذي يستفيد من عملات صعبة مقابل الحماية التي يوفرها لتلك الشركات التي تحمل شعار : "الربح مقابل أقل خسارة وأقل استثمار " ..
فتهديد سلامة المواطنين وانتهاك الوسط الطبيعي والتلوث البيئ المتزايد أمور لم تعد خافية على أحد في منطقة فقدت المئات من الضحايا وفقدت ثروتها المعدنية بفعل تلك الشركات النازية ..
لكن المعيب في الأمر هو صمت المنظمات التي تتبجح بدفاعها واهتمامها بالبيئة ،والتي لا نكاد اليوم نعثر على واحدة منها ترفع صوتها في وجه دولارات ورشاوى "تازيازت" و"أم سى أم " ..
ناهيك عن غالبية وسائل الإعلام والصحف المحلية الرسمية والحرة ، والتي يتهمها بعض المراقبون بأنها غارقة في هبات تلك الشركات ..ما دفعها إلى عدم الاهتمام بالفضائح والجرائم التي تحدث في الشمال ..

اللوبي الصامت ..!
من نافلة القول أن نذكر اسم الرئيس محمد ولد عبد العزيز كأهم مستفيد من العملات الصعبة التي تحول لحساباته الشخصية بشكل أسبوعي أو يومي ..
ولعل مسؤول العلاقات الخارجية ماء العينين ولد التومي لديه الخبر اليقين..فهو شريك الرجل في كل صفقاته و مدير أعماله المشبوهة.. سواء حين يتعلق الأمر بصفقات السلاح أو بالذهب والنحاس ..
فمن المخزي جدا أن يكون رئيس الجمهورية يتقاضى رشاوى من شركات متعددة الجنسيات مقابل منحها الضوء الأخضر في كل ما تقوم به من أنشطة مضرة بالبيئة ومهددة لحياة الإنسان ..
فعندما يكون حاميها حراميها ، ويكون رأس الدولة متواطئا في جرائم ترتكب في حق الإنسان وتستنزف ثرواتنا المعدنية بشكل مريع ..فعلى الدنيا السلام ..!
لذا ليس أمام سكان تلك المدن الشمالية إلا أن يدافعوا عن أنفسهم ويخوضوا نضالا مستميتا ويخرجوا عن بكرة أبيهم ليطردو هذا المحتل الجديد الجاثي على الصدور والثروات في معسكري "تازيازت" و "أم سى أم" النازيين ..
وإلا فافرضوا مراجعة الاتفاقية مع الدولة الموريتانية بطريقة تفرضون فيها شروطكم ، وتكون غالبية العمالة من الموريتانيين ، حتى تنصفوا أنفسكم وعمالكم ، وحتى تفرضوا رقابة حقيقية على البيئة ولو تكلف الأمر التعاقد مع مختبرات دولية مستقلة ..
يا سكان الشمال تحركوا قبل فوات الأوان ..تحركوا قبل الكارثة ..تحركوا قبل الإعصار ..
فليست هناك أي دولة في العالم غنية عن الإستثمار ، ولكن استثمار هذه الشركات المعدنية لا تستفيد منه سوى ثلة من المترفين تتمثل في الجنرال عزيز وأعوانه وحاشيته القريبة والضيقة ..بينما لا تجنون أنتم سوى الموت والأمراض الفتاكة والتلوث البيئ واستنزاف الثروات بطرق جهنمية .

0 التعليقات:

إرسال تعليق