تعديل

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

موريتانيا : مسلسل ضحايا النظام : عبد الرحمن جالو القتيل رقم 12 (تفاصيل خاصة )

على تمام الساعة السابعة صباحا كنت في مستشفى الصداقة المكتظ بطوابير
المرضى المستائين من تردي الخدمات الطبية في منشأة صحية يباهي النظام بأنها إحدى شواهد منجزاته في مجال الصحة العمومية .

طالعتني ألف قصة وقصة ، فلكل مريض حكاية وفي كل جناح مأساة ..
لكن قصتي هذه المرة تتعلق بالمواطن عبد الرحمن جالو الذي تحدثت مصادر إعلامية عن مقتله تحت التعذيب على يد أفراد من الشرطة في مفوضية الميناء رقم2 .
 كان برفقتي خلال هذه الزيارة الاستقصائية الرفيق الشيخ ولد مزيد الذي رأيتُ منه مناضلا واقعياً تحمل معي التسكعَ والتشرد بين أزقة المستشفى وبواباته الخلفية والأمامية لساعات من الترقب والإنتظار .

اعتقال بدون تهمة
كان المواطن عبد الرحمن جالو يسير قرب سوق العاصمة في ذلك المساء الحزين ، فاستوقفته سيارة فرقة من الحرس الوطني واقتادته إلى مخفر الشرطة بمفوضية الميناء رقم 2. وذلك بدون أي تهمة أو ذنب ارتكبه الرجل إلا أنه كما فسرت الأجهزة لاحقاً من أصحاب السوابق لذا أخذت احتياطاتها وأوقفته قبل أن يتلبس بعملية نشل أو سطو في أيام العيد .

تعذيب حتى الموت
في مفوضية الميناء رقم 2 تعرض عبد الرحمن جالو لأبشع أنواع التعذيب من طرف عناصر من الشرطة ، وفي حدود الساعة الرابعة مساء اتصل بخالته مطالباً إياها بأن تزوره في المفوضية ، لكن المفارقة أنه بعد أقل من ساعتين تصاعدت وتيرة تعذيبه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة .

محاولة الأمن لطمس معالم الجريمة

إثر صدمة الشرطة بموت عبد الرحمن جالو هرولوا به إلى مستشفى الصداقة محاولة منهم للإفلات من جريمتهم النكراء ، وكان في استقبالهم الطبيب المداوم في قسم الحالات المستعجلة الذي عاين القتيل مُضرجاً بالدماء وعلى وجهه ورأسه كدمات عنيفة تركت آثارها وأورامها بادية للعيان ..
نزل رقيب من الشرطة من سيارته وذهب إلى الطبيب المداوم محاولا الإختلاء به ، لكن الطبيب رفض الإنصياع بادئ الأمر مؤكداً أنه لن يكون شاهداً أخرساً على جريمة قتل بهذه البشاعة .

وصول وكيل الجمهورية وتوصيف الحالة قبل تشريحها !

على الفور وصل الخليل ولد احمد وكيل الجمهورية بمنطقة نواكشوط الجنوبية ، وعاين الجثة ، وأصدر أوامره للطاقم الطبي بأن يُصنفوا الحادثة بأنها حالة " وفاة طبيعية" .!

وبالفعل تم ذلك في طرفة عين ، لكن الأمر لم يرق لذوي الضحية الذين أكدوا بأن ابنهم ٌقتل تحت التعذيب ومؤكدين على رفضهم لاستلام الجثة ما لم يُفتح تحقيق في القضية وينال الجناة عقابهم المستحق .
وفي اليوم الموالي وصل وكيل الجمهورية كعادته وأصدر أوامره لذوي الضحية بأن يسحبوا جثمان قتيلهم ، لكنهم جددوا رفضهم القاطع وحملوا السلطات الأمنية مسؤوليتها عن الحادثة .
لذا اضطر وكيل الجمهورية تحت ضغط الأهالي أن يأمر بتشريح جديد للجثة ، لكنه بحسب رواية متواترة لدى أكثر من شاهد عيان ، فقد اختار طبيباً محسوباً على النظام واكتفى بإجراء فحوصات نظرية وجزئية وختم تقريره مرة أخرى بأن الحادثة هي "حالة وفاة طبيعية" .
عندها استشاط وكيل الجمهورية غضباً وخاطب ذوي القتيل بلهجة حادة وأسلوب غير أخلاقي متهجما على قتيلهم، و واصفاً إياهُ بأنه مجرم وصاحب سوابق ، وسكير وعربيد نال جزاءه المُستحق، وأن وفاته طبيعية ، مؤكداً أن محضره سيتم إغلاقه إلى الأبد .
كما قال لهم بأنهم إن شاؤوا فليذهبوا بالقتيل ويدفنوه وإن أرادوا غير ذلك فليتركوه يتعفن في ثلاجة المستشفى .

عروض أخرى دخلت على الخط
في مساء نفس اليوم الذي جدد فيه الأهالي رفضهم لاستلام الجثة ، لجأ النظام لخيارات جديدة هي الإغراءات المادية بحسب مصدر قريب من أسرة الضحية ، تحدث"  لمدونة التاسفره " عن عرض مبلغ أربعة ملايين أوقية على أسرة القتيل مقابل موافقتهم على استلام الجثة ودفنها وإغلاق الملف بشكل نهائي خاصة ما يتعلق منه بالشقين القضائي والإعلامي . 

تواجد أمني مكثف بمحيط المستشفى
خلال زيارتي صباح اليوم لمستشفى الصداقة لاحظتُ تواجداً أمنياً مكثفاً ، حيث تم تطويق البوابات الخارجية بسيارات على متنها ما يناهز ثلاثين عنصراً من "الحرس الوطني"، في حين اكتفى قطاع الشرطة بنشر أفراده داخل باحة المستشفى ، وأمام الغرفة التي توجد بداخلها جثة القتيل .


شاهدة عيان تروي لحظات وصول الضحية إلى مستشفى الصداقة

في مستشفى الصداقة التقيتُ بسيدة كبيرة لا صلة تربطها بالضحية ، وكانت حاضرة وقت وصول الجثمان إلى قسم الحالات المستعجلة بمستشفى الصداقة ، حيث عاينت بأم عينيها جثة القتيل مضرجة بالدماء ، وعاينت بعد ذلك عناصر من الشرطة يغسلون آثار الدم عن سيارتهم التي جاءت بالجثة .




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

0 التعليقات:

إرسال تعليق