تعديل

الأربعاء، 19 مارس 2014

محاولة قتل بشعة لامرأة وطفلها ، والسلطات الأمنية تتواطأ مع الجناة

قصة السيدة الخمسينية البتول بنت العباس، وطفلها ـ بالتبني ـ مع العدالة الموريتانية والأمن الوطني قصة مثيرة للشفقة والاشمئزاز ..
 تعمل البتول في إدارة الطفولة في مدينة روصو عاصمة ولاية اترارزه، كما ترأس جمعية غير حكومية لتربية الأطفال .."اللقطاء " الذين لا يعرف لهم أب ولا أم..
تعيش والدتها وإخوتها في نواكشوط، حيث يعمل أحد إخوتها فنيا في مستشفى الشيخ ، والآخر شرطي ، وأختها في الجيش .
قررت البتول قبل فترة بيع منزلها في روصو ، لسبب يعود لنيتها الذهاب لأداء العمرة في شهر رمضان القادم ، وربما البقاء في السعودية بشكل دائم لتجاور هناك في المدينة المنورة كما تقول ..
عندما علم أخوها بنيتها بيع المنزل اتصل بها محاولا ثنيها عن الموضوع ، ليقنعها بأن تترك الدار له ولإخوته كي يرثوها من بعدها ..
في كل مرة كانت ترد عليه قائلة : " لا علاقة للموضوع بالوراثة ، هذه داري وسأبيعها ، لكنك أخي ، وسأعطيك ما تريد من مال " .
والحقيقة أن الأخ كان متوجساً من كتابة أخته للدار لصالح الأطفال اللقطاء ، ليرثوها من بعدها ـ حسب قوله ـ ، حيث أنها لا عيال لها ، وغير متزوجة ، ورغم أنها ليست كبيرة في السن ولا تعاني من أي مرض ، بل كل ما في الأمر أنها ستذهب لتؤدي عمرة ، وقد تعود في القريب ..
تطورت الأمور وتعقدت مع الأيام ، حتى ذهب الأخ إلى الإدارة الوصية على أخته وطلب منهم أن يحولوها من روصو إلى نواكشوط بدون أن تعلم هي بأي شيئ .
اتصلت الإدارة بها لتسألها عن سر رغبتها المفاجئة بالتحويل، فردت عليهم بأنها لا ترغب في ذلك ولا علم لها بالأمر..
في مطلع الأسبوع الماضي كانت البتول في زيارة لانواكشوط ، لإكمال إجراءات سفرها وإعداد بعض أوراقها المدنية ..
علم أخوها أنها وجدت هنا في نواكشوط من يشتري منزلها، وأن قضية البيعة باتت مسألة وقت .
عندها دبر الرجل مكيدته بالتواطؤ مع إخوته وأخواته ..وقرروا التخلص من آختهم وبقية الأطفال المستفيدين من خدماتها .

خيوط الجريمة ..!

صباح الجمعة الماضي ، رن هاتف البتول  ..
كان اتصالا من خالها الذي طلب منها بإلحاح بأن تلبي دعوة المقيل معه برفقة جميع أفراد الأسرة بما فيهم الوالدة الكبيرة في السن .
وأمام أعين الأم شتم الرجل أخته قائلا : أيتها الحقيره ، توزعين مالك على هؤلاء " لفروخَه" وتمعنين إخوتك " قاصداً بذلك تربيتها للأطفال "اللقطاء" ..!
لتجيبه الأم قائلة : " اتركوني من خلافاتكم ..لا أريد أن أسمع شيئا عن الموضوع ."
ركب الجميع في سيارة الأخت المجندة في الجيش ، وبقيت البتول ومعها أحد الأطفال الذين ربته منذ ليلته الأولى حيث وجدته مرميا في أحد شوارع روصو والذي يبلغ اليوم ست سنوات .
أصر الأخ الغاضب أن لا تركب إلا معه في سيارته، فركبت وطفلها ، بعد عناد طويل ..
انطلقت السيارة بسرعة فائقة من عرفات ، وغيرت المسار الذي توجد فيه السيارة الأخرى رغم أنهم متجهين لمكان واحد ..
انهال الرجل بالضرب على الطفل محاولا خنقه حتى الموت ، وأشبعه ضربا مبرحاً وقاسياً ، ورماه من السيارة على الشارع كي يلفظ أنفاسه الأخيرة هناك، لكن لحسن الحظ وقع سقط الطفل مرمياً على التراب ولم يسقط على الشارع المعبد والمكتظ بالسيارات قرب الداية 20 في عرفات .
ليأتي الدور بعد ذلك على الأخت ، حيث خنقها بيده اليمنى، وشدها إليه ليربطها بوثاقه، وقال لها ، " أنا ذاهب بك إلى البحر لأقتلك هناك "..
بدأت البتول تصرخ وتضرب زجاج السيارة بيدها علها تفتح الباب أو تكسر الزجاج ليُسمع صراخها ..
فجأة في زحمة المرور في الداية 4 كانت هناك سيارة للدرك ..
وبسرعة البديهة ، لم يجد الأخ فرصة للتفكير ، انعطف قليلا ليركن سيارته أمام مفوضية الشرطة الموجودة في الداية 4 في عرفات .
نزل من سيارته ودخل المفوضية ممسكا بأخته قائلا : هذه المرأة وجدتها في الشارع ، ومعها رجل يحاول قتلها "، محاولا أن ينفي التهمة عنه .
لكن سرعان ما تراجع عن ذلك ، حينما أخبرتهم هي الحقيقة بقولها : هذا أخي شقيقي ، كان سيقتلني ، وقد رمى طفلا صغيرا من السيارة بعد أن أشبعه ضربا " ..

كذبة الأمن الوطني :

اعترف الرجل ، وقال بكامل وعيه : " أيها الشرطة اشهدوا جميعا أن هذه المرأة أختي ، لكنني سأقلتها ..وسأقتل معها كافة الأطفال المسجلين في جمعيتها ، ولا أحد يمكنه أن يمنعني من ذك "
وخرج من المفوضية يمشي وركب سيارته دون أن يتعرض لأي توقيف، من طرف عدد من الشرطة، من بينهم شرطي اسمه: " احمد ولد الغوث".
***
لم تستطع البتول بعد ذلك اليوم أن تعود لأهلها المتواطئين في محاولة قتلها ، وقتل طفل صغير لا ذنب له في شيئ ..
بعد بحث مضني وجدت قريبة لها سمحت لها باللجوء إليها في تنسويلم لتبيت معها ليلتها ..
وفي كل يوم تغير مكانها، هروباً من الموت الذي يطاردها..
علم أحد الشباب بأمرها ، فاتصل بها ، وسمع منها القصة كاملة ، وتأكد من خوفها من المصير المحتمل ..
وبحسب مصادر " مدونة التاسفره " فقد دبر لها الشاب لقاء برابطة معيلات الأسر ، حيث كانت في استقبالها الرئيسة منة منت المختار ..والتي ما إن سمعت منها القصة ، وشاهدت بعينها آثار التعذيب في رقبة الطفل وعلى بقايا من جسده ، وجسدها هي ..حتى ذهبت بها في سيارة إسعاف ودلفت بها إلى وكيل الجمهورية .

جريمة قتل محتملة .. والجاني وكيل الجمهورية

دخلت البتول برفقة رئيسة رابطة معيلات الأسر، وقصت على الوكيل قصتها الإستثنائية كاملة ..وأخبرته بأنها خائفة ومهددة بالقتل في أي وقت .
ومن غباء وكيل الجمهورية أو من إهماله ، أو انعدام حسه الأمني وإحساسه بالمسؤولية، أمر المرأة بأن تذهب وحدها للمستشفى ليتم التشخيص الطبي لآثار التعذيب الظاهرة في رقبة الطفل وجسدها .
بينما كان من المفترض والواجب أن يوفر لها الوكيل حماية أمنية مشددة تذهب معها لإجراء الفحوصات المطلوبة ، وتكون بعد ذلك تحت المراقبة لئلا يعثر عليها الأخ الذي قطع عهدا على نفسه أمام السلطات الأمنية في عرفات بأن يقتلها وأطفالها.

و ليعلم وكيل الجمهورية بأن جهود الشباب انتهت بتوصيل المرأة وطفلها إليه ، وأن أي مكروه يصيبها هو من يتحمل مسؤوليته ، لأنه فرط في تأمين مواطنة دخلت عليه تريد الأمن ، والأمن فقط، لا أكثر ولا أقل  .

الأربعاء، 5 مارس 2014

مشاهداتي في الليلة الأولى: احتجاجات سلمية واجهتها القوات الأمنية بالقمع والتنكيل

فجأة رن هاتف في المنزل، يحمل خبراً صادما وقع علينا كالصاعقة..
كتاب الله وجد ممزقا بأحد مساجد مقاطعة تيارت ..
هرعنا إلى عين المكان ..لكننا لم نستطع الوصول إليه ، لأن المسيرات قد انطلقت في اتجاه معاكس لسيرنا ، مما دفع بنا للرجوع مع المسيرة ..
كانت صور المصاحف في هواتف الكثير من المتظاهرين والمتظاهرات ..
بشاعة التمزيق تنفي أي فرضية قد توحي بأن الحدث غير متعمد من طرف أشخاص أوجهات لها مآربها الخاصة .!
طفقتنا الأمواج البشرية الهادرة منطلقة من تيارت باتجاه القصر الرئاسي ..
دخلنا في الحشود ، كانت حاشدة وغاضبة ..
تعالت هتافات الجميع من كل الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية منددة بالواقعة الكارثية ..
دموع مريرة ، وصراخ ، وعويل ، وتكبير يهز الأرجاء مع امتداد السلسلة البشرية الطويلة ..
وصلنا وزارة الداخلية في حدود الساعة 00:30 بعد منتصف الليل ..
كانت قوات الأمن حاضرة ، في جاهزية عليا واستنفار تام ..
حاولت مع بعض الأصدقاء أن ننظم الصفوف الأمامية ، ونحث الناس على السلمية وعدم رشق الحجارة ، أو فعل أي عمل قد يسيئ للقضية ، لكن في المقابل طالبنا الجميع بالصمود وعدم الفرار من وجه القوات القمعية مهما فعلت ، أو بطشت ..

بداية القمع
طالبت المتظاهرين بالجلوس على الشارع أمام بوابة الداخلية ، لأن الجلوس في وجه قوات القمع يحمل رسالتين ، الأولى هي السلمية التامة ، والثانية هي الصمود ..
وذلك هو ما كنا نتطلبه في ليلتنا الأولى تلك ..
لكن القوات الأمنية أدركت مبكراً أن مئات المتظاهرين لا يزالون في طريقهم إلى المكان ، وعندما يصلون ستكون التظاهرة كبيرة ورهيبة بحيث يصعب السيطرة عليها أو تفريقها بسهولة ..
وذلك ما دفع بالأجهزة الأمنية لأن تفجر المكان بالقنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع ، وتنهار على المتظاهرين بالضرب البشع والسحل في الشوارع ..
اختفت الجموع تحت وقع القمع الشرس والضرب بالهراوات ..
بقيت عجوز في الثمانين من العمر انهالت عليها شرطة مكافحة الشغب بالضرب، فحاولت أن أمنعهم ..
صرخت في وجوههم بأنهم مجرد كلاب بوليسية وليسوا آدميين.
في الناحية الأخرى من الشارع كان رفيقي في حركة 25 فبراير احمد ولد حيمودان يتعرض للضرب العنيف من قبل عدة عناصر من الشرطة  ..
كان شجاعا باسلا ، لم يستطيعوا إسكاته حتى اضطروا لاعتقاله ورميه في باص الشرطة لينطلقوا به إلى جهة مجهولة ..
بقيت أنا والسيدة العجوز المرتعدة خوفا ، خطوت بها باتجاه بوابة وزارة العدل ، لتلقط أنفاسها قليلا ..ثم أوقفت لها سيارة تطوع أصحابها بأن يحملوها إلى منزلها في تيارت ..
صرت وحيداً في الميدان ، أتأمل همجية السالك ولد الغزواني والمفتش امبودج، والشيباني، وديدي، وهم يعيثون في البلاد فسادا وبطشا وتنكيلاً ..بلا رقيب ولا حسيب ..
بدأ بعض المتظاهرين في العودة من جديد ..أفراداً ..وجماعات..
حاولت أن أطمئنهم بأن الكريموجين ليس خطيراً .. وأن أرفع من معنوياتهم لأن الإنتصار لكتاب الله يستحق منا كل الصمود والتضحية .

حوار مع أحد عناصر أمن الدولة
طوال التظاهرة الأولى ، وأثناء تنظيمي لصفوف المحتجين الغاضبين رأيت أشخاصاً بزي مدني ، كانت علامات الأمن بادية على نظراتهم ..
وفي الهدوء الأول الذي أعقب القمع تعقبتني سيارة سوداء من نوع LX ، يستقلها رجلان بزي مدني أيضا ..
ركنا سيارتهما بجانبي ، فنزل إليَ أحدهما ، فسلم عليَ بهدوء ، وطلب مني أن أجيبه عن بعض الأسئلة ..
فرفضت الإجابة ما لم يفصح لي عن هويته ..
وبعد عناد طويل أخبرني أنه من أمن الدولة ..
وقال لي بالحرف الواحد : " ما قمتم به غير مسؤول، وقد  كان بإمكانكم أن تلجأو لخيارات أخرى ، وأن تتركوا الرئيس حتى يستيقظ في الصباح..لأن الرئيس الآن يغط في سباته العميق، ولم يستيقظ إلا حينما سمع بالقنابل الصوتية .."!
دار بيني وبينه حديث طويل ، لا طائل منه ، لم يستطع إقناعي إلا بشئ واحد هو هشاشة ورداءة وتفاهة ما يسمى بجهاز أمن الدولة ..!

خطة أمنية لتأمين الجنرال وقمع المواطنين .
حينما وضعت المعركة الأولى أوزارها كانت قوات الحرس الرئاسي قد انتشرت بمدرعاتها وغلمانها الممتلئين حقدا وكراهية لهذا الوطن والمواطن .
وكان كل من رباعي القمع والتنكيل، السالك ولد الغزواني ، أمبودح، الشيباني، ديدي، ينتشرون في كل المنافذ المؤدية للرئاسة ، ابتداءً من البنك المركزي ، مروراً بفندق مركيز، والإذاعة ، والجامعة، وسلطة التنظيم ..
دامت عمليات الكر والفر ثلاث ساعات ، بين المحتجين الغاضبين وبين الأجهزة القمعية المستعدة لكل شيئ  دفاعا عن الجنرال الانقلابي المستهتر بالوطن ومقدساته ..

الخطة الأمنية البديلة :
أكاد أجزم بفشل الخيار الأمني في الليلة الأولى ، لأن حماس الشباب كان يغلي بحدة وشدة ، ..
اتسعت رقعة المناوشات ..وبدأت الإمدادات البشرية تصل من المقاطعات الأخرى التي لم يصلها الخبر إلا متأخرا ..
فاضطر الأمن للإستعانة ببعض "رجال الدعوة" العاملين في الحقل الأمني ، رغم أنهم محسوبين على بعض قوى المعارضة الراديكالية .
في ساحة بن عباس كانت عقارب الساعة في حدود الرابعة صباحا ..والجموع تحتشد في إحدى عمليات كرها ..
 نزل أولئك الدعويون من السماء ، وبدأوا يخطبون في الناس ويهدئون من أعصابهم  ويطفئون من لهيب حماسهم ..

وحينما لم ينجح هؤلاء المخبرون الدعويون في ثني الشباب عن الاحتجاج ، أمروا الجميع بأن عليهم أن يقوموا بصلاة التهجد .. حينها خارت قوى الشباب في ركوع وسجود لم يرد به أئمته وجه الله ..!